نحو مدونة للسلوكيات العامة
ينبغي أن نتذكر – في ظل ثورات الربيع العربي ضد الأنظمة القائمة – أن
المطالبة بالإصلاح عملية لا تكتفي بالوقوف عند الأنظمة فحسب ، لكنها عملية شاملة
تغطي كافة مجالات الحياة بشكل موازٍ دون التركيز على جانب دون آخر للنهوض من
الغفوة التي أصبحت استغراقاً في الخمول .
فالإصلاح ركيزة أساسية لتطوير أجهزة الدولة والحكم ومؤسسات القطاعين العام
والخاص والأنظمة الإدارية والاقتصادية والسياسية المختلفة حتى وإن تطلب مثل هذا
الإصلاح قلب الموازين بشكل كامل وتغيير أثاث البيت .
لكن الإصلاح يبدأ أيضاً من البيت الصغير الذي يعلم الطفل سلوكه وطريقة
تفكيره ، ويزرع فيه بذور النماء التي يريد .
وسلوك الفرد في محيطه هو الذي يجعله مميزاً ومتفرداً ، فيحكم عليه وفق هذا
السلوك بالصلاح أو ضده .
ولكن المتأمل للسلوك العام للمواطن العربي يلحظ مدى الانفلات والتبلد و
"التطنيش " لكل أدبيات السلوك العام بدءاً من عبور الطريق واحترام الإشارة
الضوئية ، وانتهاءً ؟ الشارع كاملة حتى في
عملية البيع والشراء ، مروراً بإلقاء
القمامة في الشارع ، وعدم احترام نظافة الدرب والتعالي على شخص هذا المسكين الذي
ينظف الشارع أمام بيتك ، حتى نصل لمسألة التخلص من محتويات الفم – أكرمك الله - في
طريق السابلة .
لا يمكننا أن نلقي بكل اللوم في سلة أنظمة الحكم حتى في المسائل الشخصية ،
وسلوكنا المرهف \ اللامبالي ولا أريد القول أنه
سلوك منحط كي لا أخرج عن مساق أدب الخطاب ، فأنظمة الحكم ليست مسئولة عن كل
السلوكيات التي يتعامل بها الفرد \ المواطن .
نحن بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد متكامل ينبع من إسلامنا الحنيف ، وتقاليدنا
العريقة ، وعرفنا العام الذي ينأى عن الصغائر وكل ما يشين المروءة نتفق فيه على
أن نجعل من أنفسنا قدوة للأجيال الصغيرة ، وأن نزرع فيها القيم التي تخالف
كل ما نعيشه اليوم من واقع سلبي انعكس على كل سلوكنا وسلوك أبنائنا حتى في عملية
الشتم والصعود إلى الحافلة .
ليس من المنطقي أن يبقى حال " التطنيش" هو السائد في مجتمعنا ،
وأن تبقى عباراته هي التي تواجهك كلما انتقدت سلوكاً ما ، أو نهيت عن تصرف خاطئ ، لأن حال " حط
راسك مع هالروس وقول يا قطاع الروس " يؤخرك عن التقدم والنهوض .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق