الاثنين، 7 أبريل 2014

إقليم بغلوستان


( يوميات بغل أفندي)
إقليم بغلوستان

الموضة السائدة في السنوات الأخيرة في أقاليمنا العربية والإسلامية (الشرق الأوسط تداولاً) موضة انشقاق الأقاليم عن البلد الأم بحجة أنه يتكون من طائفة تختلف عرقياً أو دينياً عن بقية سكانه .

فكل يوم يخرج إقليم أو بقعة من الأرض تعلن أن لها حق الانفصال والعيش باستقلالية وتقرير المصير بعيداً عن البقعة التي ينتمي إليها جغرافيا ، وهنا تجد " العم سام" يهب لنجدتها ويدعمها بكل ما أوتي من إيمان بحقوق الإنسان التي يتخذها شعاراً تنطوي تحته كل النوايا التي يمكن لك أن تتصورها ، فمرة إقليم كردستان وأخرى الجنوب الانفصالي في السودان الذي تدعمه أمريكا بمليار دولار سنوياً في سبيل الانفصال الذي سيشق قلب السودان ، ثم إقليم دارفور ، ومن قبله تيمور الشرقية ، وجماعة البوليساريو في المغرب ، ويا عالم من سيخرج مستقبلاً ليمزق الجغرافيا بدعم قوة دولية ما .
والله يا أخي أعجبتني الفكرة ، وفكرت ملياً بالفلوس والغنى والترف ومنصب الرئاسة الذي سيرفعني إلى فوق .... فوق ، وجاءت الفكرة سريعاًُ ، فنحن معشر البغال عددنا كبير جداً ، ونشكل نسبة لا يستهان بها من السكان ، ولنا من الصفات ما يجعل منا أمة عرقية تمتلك المقومات الثقافية والسمات اللغوية المميزة ، بالإضافة إلى تاريخ من الظلم والحرث والاستعباد والقهر الذي مارسه علينا الآدميون ، فلماذا لا نطالب بالانفصال ، وتشكيل إقليم منفصل وفقاً لمواثيق وعهود الأمم المتحدة .
وسهرت طوال الليل وأنا اكتب الخطوط العريضة لحركتي الانفصالية ، والمبادئ التي تكسبني حق الانفصال والاستقلال ، وفور أن طلع الصباح توجهت إلى مقهى الإنترنت ، وأنشأت موقعاً على الـ(facebook) بدأت من خلاله بنشر فكري الإنفصالي بشأن إقليمي الذي أصبح اسمه (إقليم بغلوستان) .
وسرعان ما انهالت علي الرسائل المؤازرة من جهات دولية (مرموقة) - مع إصراري على إحاطتها بقوسين – تدعم هذا الحق وتؤيد حركتي معلنة أسفها على ما أسمته تاريخنا الطويل من العذاب الجماعي الذي يشكل ذاكرة لن تمحى ، طبعاً هذا التاريخ لا يرقى إلى مستوى الهولوكوست .
ذات مساء وقفت أمام البيت سيارة سوداء ، وترجل منها رجل يرتدي بدلة سوداء كذلك كأنه خفاش يبحث عن صيده ، وما أن رآني حتى اقترب مبتسما وقال :
-      مستر بغل أفندي ، أنا من السفارة ، وسفارتي بتقدم لك الدعم لقضيتك العادلة ، ونحن على استعداد للوقوف معك بكل السبل لكن بشروط.
تنحنحت بغرور وقلت :
-                    وما هي ؟.
-                    أن تصبح محميتك قاعدة عسكرية تابعة لنا .
-                    و غيره ؟.
-                    شركاتنا تحتكر مشاريع التعدين والتنقيب .
-                    ثم ؟.
-                    شركات المقاولات التابعة لنا تعيد إعمار المحمية بعد التدمير ؟
-                    وبعدين ؟.
-                    نأخذ كل ما هو تاريخي يتعلق بالإرث اليهودي .
-                    يا عيني ؟.
-                    وسلامة تسلمك .


هلا والله 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق