الاثنين، 7 أبريل 2014

سيدي ابو العبد والديمقراطية

( يوميات بغل أفندي)
سيدي ابو العبد والديمقراطية
قال سيدي ابو العبد وهو يحاورني :
-       صحيح أن تعليمي على قدي لكن لا يغرنك ذلك ، اسمع مني ، إن تجربة هؤلاء القوم تختلف عن تجربتنا تمام الاختلاف ، لقد مروا بمراحل مختلفة من الصراعات ، فمرة كان الصراع بين الكنيسة والملكية ، وأخرى بين نظم مختلفة حتى وصلوا إلى شكل الحياة المدنية الذي نراه ، أما نحن فما زلنا نحتاج إلى "فتِّ " خبز طويل .
فحمحمت قائلاً :
-       الديمقراطية والحياة المدنية ليست بحاجة إلى استعادة المرور بالتجارب السابقة في الزمان والمكان المختلفين ، فهذه المراحل ليست محطات جبرية ينبغي على من الانتقال للحياة المدنية والديمقراطية أن بها ، إنها خلاصة تجربة بشرية في الحكم.
صرخ أبو العبد :
-       ستبقى بغلاً يا بغلي العزيز ، أي والله ستبقى بغلاً ، نحن قوم بحاجة إلى مشوار طويل وشاق من نستطيع أن نصبح مثل الغرب .
ضحكت بسخرية وقلت :
-       لماذا ؟، أهي وجبة من الطعام لا نستطيع تمريرها إلا لقمة لقمة !.
ضرب الأرض بقدمه بحده وهو يمد يده ليتناول كأس الشاي الموضوع على النافذة ثم ارتشف منه رشفة ، والتفت إلي قائلاً :
-       أي نعم هذا هو الحق ، قل لي كيف سينتقل الإنسان العربي فجأة من عالم الجبر الذي يعيشه إلى عالم الاختيار والديمقراطية قبل أن يعتاد الممارسة الصحيحة لا شك إن ذلك يقود إلى حالة من الفوضى وسوء التطبيق الكارثي ، فتصبح حكايتنا كمن وصله خبر مفرح لم يستطع احتماله فسقط قتيل الفرح من فوره .
فقلت ساخراً وأنا أتميز غيظاً :
-       كلام ناقص ينافيه أن الديمقراطية والحياة المدنية الحقة نظام متكامل يطبق ضمن آليات ومؤسسات يكمل بعضها بعضاَ تشمل كل مناحي الحياة العامة .
نظر إلي أبو العبد بتحفز وقال :
-       اسمع .... لا تردد لي فلسفة الكتب التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وتعال معي إلى الواقع لترى ، قل لماذا أتحف الليبراليون العرب مسامعنا ليلاً ونهاراً بالديمقراطية ، ولما أحرز الإسلاميون النسبة الأعلى من الأصوات في انتخابات مصر ما بعد الثورة قامت دنيا الليبراليين ولم تقعد ، ودقوا نواقيس الخطر خوفاً من "الآخر" ، هُمْ هُمْ  ذاتهم الذين نادوا بحكم الصناديق ولما حان قطاف ما في الصناديق ولم يأتِ وفق مزاجهم كانوا أول من نكث بما نادى به ، ومن قبلهم فعل ما يسمى ليبراليو تونس ذات الشيء ، وقبل عشرين عاماً ألغيت انتخابات الجزائر حين حقق " الآخر " الإسلامي الذي لا يريدون التقدم بحسب الصناديق ، و كلنا كذلك نحب الصندوق إذا كان مواتياً لهوانا ، ونرفضه إذا حمل إلينا "الآخر " ، ونرفض المظاهرات حتى إن كانت حقاً للآخرين ، ونرفض الاعتراض رغم مشروعيته للآخرين ، باختصار نحن نرفض الديمقراطية والحياة المدنية لأنها ربما تحمل إلينا "الآخر" الذي يخالفنا في شعاراتنا ، مثل حالي مع ستك أم العبد إن ولدت صبياً فهي حبيبتي أما إن نتج حملها عن (أنثى) فويل لها .
وسكت أبو العبد عن الكلام وهو يرمقني بنظرة تشي بشعوره بالانتصار موقناً أنني لن أستطيع الرد ظناً منه أنه ألجمني بأمثلته.
قلت بهدوء:
-       ورغم أن فئة ما اعترضت على فوز "الآخر" إلا أن هناك من تقبل الفوز بروح رياضية ، أما مثال الجزائر فهو مثال لا يستشهد به لأنها كانت ديمقراطية ورقية لا ترقى الديمقراطية الفعلية ، أليس كذلك يا سيدي "أبو العبد "؟.
وما أن أتممت كلماتي حتى انتفض أبو العبد وهو يصرخ :
-       وأنت مالك وللديمقراطية ، هذه شأن البشر وأنت مجرد بغل .... بغل بحسب .
                                     أفهمت ؟ 

                                     وقام وتركني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق