( يوميات بغل أفندي)
البلطجية
والتكاتك
لم أحقد على "الأنفاق"
من قبل كحقدي الآن عليها ، صحيح أنها تشكل الرئة التي يتنفس منها أهل غزة في ظل كل
هذا الحصار الذي يستقوي به العدو والشقيق في آن معاً ، ولكن أن يصل الأمر حدَّ
التهديد لوجودي ورزقنا نحن - معشر البغال–
فهذا ما لم يخطر على قلبي .
كثير والله هذا عليّ !...
عشرة آلاف مرة واحدة ! .... عشرة آلاف " توك توك" تم إدخالها إلى غزة من
خلال الأنفاق ،هذا ليس تهديداً فحسب ، بل حرب ضد وجودي ، وحكم بالإعدام على كل
البغال والحمير التي شكل حصار غزة الفرصة لها ليعود إليها مجدها القديم كوسيلة نقل
هامة ، نعم ، لقد صببت جام غضبي وحقدي على كل أنواع " التوك توك "ومن
صنعها ، ومن فككها ليمررها لنا من خلال الأنفاق ويعيد تجميعها على أرض غزة .
هذه هي المرة الأولى التي
أحقد فيها على هذا الكائن الغريب ، أما المرة الثانية فقد جاءت بعد ذلك بشهور ،
عندما ظهر هذا الكائن بمعية ( العقيد القذافي ) في الصورة الشهيرة ليكون دليلاً
على تواطئ " التوك توك " ضد الشعوب ومصالحها وإرادتها .
بعد شمس يناير في ظل
ثورات الشعوب العربية ضد أنظمتها أصبحت الظروف مواتية لي كي أقود المظاهرة الأولى
ضد " التوك توك " وتهديدها لمصالحنا ، فشمرت عن ساعدي ونزلت إلى الميدان
وانقلبت إلى شخصية قيادية أصرخ وسط الميدان وأوجه جماهيري الموالية تنديداً
بالتهديد الجديد .
لم تمر ساعة واحدة على
بداية مظاهرتنا حتى فوجئنا بعشرات "التكاتك " ، تملأ الميدان ، وتسد
علينا الأفق ، نعم ، لقد قامت ثورة مضادة لتقطع الطريق على ثورتنا واعتصامنا ، فلم
نعبأ بها وتركنا لها نصف الميدان .
فجأة ، انطلقت من بين
الجموع عصابات " البلطجية " ، و بوحشية لا مثيل لها أخذت في "
التفحيط " و " التخميس " لتصيب كل من يقف أمامها ، وبطبيعة الحال
لم يتدخل رجال الأمن لإيقاف تلك المجزرة رغم صيحات الاستنجاد التي تصدر عن الجرحى
، بل الأنكى من ذلك أنهم أخذوا يراقبون المشهد بشماتة واضحة . واستشاط أخوتي
وزملائي غيظاً غير أن الطبيعة السلمية لمظاهرتنا لم تسمح لنا "بالبلطجة
" .
في المساء أزعجتني
التساؤلات وأنا أقوم بلعق جراحي ، وأنهكت تفكيري : لماذا هاجمنا البلطجية ولم
يهاجموا المسيرة المضادة ؟، ولماذا لم يحرك رجال الأمن ساكناً ؟، أم أن الجهات
الخارجية امتعضت وأرسلت بلطجيتها كي يحرقوا الشر الكامن فينا في حين أن مسيرة
"التكاتك " لا تحمل سوى الخير للبلد ؟ !.
وطال الليل بي ولم أنم ،
و في الصباح قررت الانضمام لمسيرة التكاتك ... يا عمي السلامة ولا كرباج البلطجية
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق