الاثنين، 7 أبريل 2014

حيرتي ردات أفعالهم



( يوميات بغل أفندي)
حيرتي ردات أفعالهم
وحار دليلي ، وشاكتني أشواك المشهد العجيب من حولي ، فقمت وطرقت الباب مستنجداً ، فأطل "أبو العبد " وهو يفرك عينيه نعاساً ، وما أن رآني حتى صرخ :
-        ماذا تريد يا بغلي في هذه الساعة ؟.
فقلت :
-        حيرتي طالت ، وأريد من أكلمه وإلا فسوف أختنق .
فتوسعت عيناه اندهاشاً :
-        الساعة الواحدة فجراً !؟،  ولم تجد أحداً سواي يا بغل ؟.
-        صباح الخير ، وهل تجد من يستطيع النوم في ظل هذه الأحداث من حولنا ؟.
فضحك قائلاً : معك حق ، ثم خرج وجلس فوق دكة الباطون الرابضة إلى جانب ركني وقال :
-        هاه .... أخرج الدرر من فمك يا بغلي العزيز .
-        ولاة أمركم .
-        يخرب بيتك ، مالك ولهم ؟!.
فهمهمت مفكراً :
-        لا تذهب بعيداً ، غير أن أمرهم العجيب بات يحيرني منذ فترة .
-        قل ولا " تبطَّ " كبدي .
فاسترسلت قائلاً :
-        أي سيمفونية عجيبة تلك متشابهة الإيقاعات ، منظمة الأنفاس ، منسجمة  إلى حد التطابق أحياناً تلك التي ألهمت حكامكم – معشر العرب – ردات الفعل المتشابهة إيقاعاً ومضموناً كأنما تصدر عن موجهٍ واحد ؟.
" فكلهم " يبدأ مستهزئا بالجماهير واعداً بإصلاحات بالونية ، حتى إذا ما احتد الأمر بدأوا بتوجيه الاتهامات إلى أيدٍ خفية تحرك الأحداث من خلف المشهد ، متخبطين في اتهاماتهم يبدأون بدول ذات أهداف خبيثة ،ثم يعرجون إلى دول عدوة ، ثم يتهمون أجندة (الجزيرة )  ليستقر الأمر في نهاية المطاف إلى "البعبع"  الإسلامي ، ثم إذا ما احتد الأمر بدأوا بإرسال البلطجية بعدما فشلت قوى الأمن في كبح جماح الإرادة الشعبية ، وبدأوا يتدثرون بغطاء الفتوى وحكم الشرع .
" كلهم " سئم الرئاسة والحكم و " قرف " منهما، إنما هي مغرم عندهم لا مغنم .
" وكلهم " قدم للوطن ما لم يقدمه غيره ، فتاريخهم حافل بالبطولات والأمجاد .
" وكلهم " يريد الالتزام بالشرعية والوصول لموعد الاستحقاق الانتخابي الذي طالما أُهمل وتلاعبواً به ، وكلهم يريد الالتزام بالفترة الرئاسية التي سبق وأن ( مططوها ) كما شاءواً .
" كلهم" يخافون على البلاد من التمزق إن هم رحلوا ، لأنهم " وحدهم " صمام الأمان للوحدة الوطنية . و " كلهم" لم يأمروا بإطلاق الرصاص على المتظاهرين ، ولم يعلموا بما جرى ، حتى إذا ضاق الخناق من حولهم تحججوا بالدستور الذي سوف يحتاج تعديله إلى وقت طويل ، ومراحله القانونية اللازمة من أجل التعديل ، وكم من جلسة انعقدت من أجل التعديل لم تستغرق الدعوة إليها سوى ساعات .
" كلهم" يريد تسليم السلطة - إن هم استيأسوا – لأيدٍ أمينة ، نظيفة ، وطنية تستطيع إدارة البلاد بعد الرحيل ، كأن شعوبهم مجرد أطفال غير قادرين على إدارة أمورهم ، أليسوا مجرد قطيع أغنام ؟!.
ومن قبل كلهم رفع الأسعار لأن الأسواق العالمية التهبت ، أما حين خافوا شعوبهم انخفضت الأسعار سريعا وتوسعت الميزانية بقدرة قادر .
" كلهم" لم يعتبر بمن سبقه ، ولم يستفد من تجربة " جاره " لأن بلده يختلف عن البلاد المجاورة ، ردات الفعل ذاتها ، موحدة الإيقاع منسجمة .
أهو " العبط " أم ماذا ؟.
-        احترم نفسك .
صاح  سيدي " أبو العبد " وهو يبتسم بخبث ، ثم قال :
-        هذا لأن السلطة لما طالت مدتها في أيديهم ، صلب العود واشتد ، وتضخمت الذوات ، فتحولت النرجسية إلى وثن يستحق العبادة ، ونسوا ما كانوا عليه قبل السلطة ، ولم يظنوا أن أحداً من شعوبهم سوف يقارعهم ذات يوم ، تعودوا طاعة الشعوب بالترهيب والتقسيم ، علوا في الأرض وجعلوا أهلها شيعاً ، استضعفوا طائفة وأذلوا أخرى فاعتادوا الطاعة ظانين أنها جلبت لهم الشرعية المبتغاة ، وحين أزفت ساعة الانفجار لم يصدقوا أعينهم ، وكلهم في ذلك سواء ، ظنوا أن التجربة تختلف من إقليم لإقليم ، ولما وصل إليهم الدور أخذت ردة الفعل ذات الشكل السابق بالتكرار مع اختلافات بسيطة ، أعقلت يا بغلي العزيز ما يحدث ؟.
فصحت فرحاً :
-        نعم ، وجدت بعض الإجابة .
فقام قائلاً :
-        إذاً  " انخمد " ودعني أطفئ نعاسي .
وأغلق الباب خلفه وتركني وحيداً .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق