الأحد، 6 أبريل 2014

بين "من انتم ؟ " و "حرام عليكم "

بين "من انتم ؟ " و  "حرام عليكم "
بين العبارة المتعالية المتغطرسة التي أطلقها الدكتاتور البائد القذافي حين انتفض شعبه على بطشه قائلا : " من انتم " فحول الرعية الساخطة إلى مجرد جرذان يهزأ بها وبين العبارة الأخيرة التي أطلقها مستنجداً بطريقة مخزية " حرام عليكم " تكمن مأساة العالم العربي والحاكم العربي الذي ينسج خاتمته المأساوية دون أن يعي ما تؤول إليه مصائر الطغيان .
رغم كل هذا الجبروت إلا أن " الطاغية "  يشكل حالة مأساوية لنفسه قبل الآخرين ، بحساباته الخاطئة التي حولته إلى حالة علوية فوق الجميع في بلاده ، بل ذهب ظنه إلى خارج بلاده .
القضية ليست قضية جنون عظمة بقدر ما هي قوة السيطرة والمال والاستئساد حين لم يجد من يقف في وجهه ، فلم يعد يسمع سوى صدى نفسه ، فأسقط قوة الحق من حساباته ونسي أنه مجرد وسيلة لإعطاء الحقوق لأصحابها وأداة لإنهاض رعيته فأصبحت عنده مجرد جرذان ، بل لا شيء بعبارته " من أنتم ؟ "
بل لقد أسقط من فكره أنه معني بأي حدث ما أو حتى اتعاظ بمن سبقه من الحكام ، ألم يحذر إخوانه ذات قمة من مصير مشابه لمصير صدام حسين ؟، لكنه ختم تحذيره بأن من في الخارج يعي أكثر ممن هو في الداخل ، فكان كما قال ونسي انه معني بالقول قبل الآخرين .
وفي لمح البصر ضاق الحال بمن وصفهم بالجرذان فعرفوا الطريق إلى استرداد كرامتهم المصادرة في السجن الكبير ، فكما أن الباطل المتمثل في شخص المتألهين يأخذ شكلاً أسطورياً ترتعب منه فرائص المتأرنبين كذلك يأتي هدير الشعوب إن هي أقبلت على صنع وجودها بأيديها ، دون الاحتياج إلى اللمسات الطوقية لأصابع " مولى العباد " الذي هرع إلى عبارات المياه مختبئاً .
ولندع المنحى القانوني والإنساني للنهاية المأساوية للهارب من نتيجة بغية جانباُ متسائلين :لماذا نستهجن الثورة التي اعتملت في نفوس الذين أمسكوه بعدما ذاقوا ويلات بطشه فقادوه إلى مصيره المحتوم – ولنغض الطرف هنا عن مصلحة القوى التي استهجنت طريقه مقتله في انهاء حياته حتى لا ينكشف المستور - .

ليس مستغربا أن تأتي الصرخة المرعوبة مختومة بـ "حرام  عليكم " لأني أتصور أن القذافي لم ير الثوار حينها بقدر ما كان يرى صحيفة أعماله فحق له أن يطلقها مرعوبا من خاتمته التي صنعها بيديه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق