الاثنين، 7 أبريل 2014

(جُمَعُ) الميادين

(جُمَعُ) الميادين

منذ أن تشكل وعينا الفكري والاجتماعي خلال السبعين سنة الماضية قرَّت في وجداننا شعائر خاصة تطبع يوم الجمعة بنكهة خاصة ، منها ما هو ديني ومنها ما هو عرفي ، شكلته طبيعة الحياة ، وأنماط العمل والعطل والكسل .
يوم الجمعة .... تضيع تقسيماته وقسماته بين الأفطار الذي يأتي متأخراً بسبب رغبتنا في كسر روتين العمل في ما عداه من أيام الأسبوع  ، فنغط في الكسل حتى العاشرة صباحاً ، ثم نذهب إلى صلاة الجمعة التي لم يعد يهز وجداننا منها شيء بعدما صارت مقننة بأمر من أمر ، توزع على الخطباء لتتلى بكل إذعان فاقدة للروح والمعنى ، تنتهي بالتسبيح بحمد السلطان والدعاء لله بأن يحفظ ولي النعمة دون المرور على ما يحيط بالأمة من وجع ، ثم يأتي الغداء المبكر على غير العادة كما هو في بقية الأيام ، لتحل بعده فترة القيلولة لنفشَّ غلنا من قيلولة الأيام السابقة التي ضاعت علينا في العمل ،أما بعد العصر فيضيع بين أيدي الزيارات وصلات الأرحام ، أما أحسن الأحوال فيكون عندما تقوم العائلة بمحاولة للجم شراهة الكبت بالذهاب في رحلة إلى منطقة سياحية مرة أو مرتين في العام بحسب الميزانية المتوفرة .
هكذا كانت " جُمعنا " ، قشور نلامسها برتابة ، ....... جمعة و السلام ، قلَّ منا من يستطيع التفرقة بين رتابتها ورتابة كل شيء من حولنا ، كل الأيام تحمل ذات اللون ، ذات النكهة ، ذات الرائحة .
على حين غفلة ذات ربيع جميل في يناير الذي صار دافئاً ، أصبحت جُمعنا تضبط إيقاعاتها على مقياس ريختر ، تثور الجماهير  العربية هدارة تُكبر ، وتهلل ، وينتقل " فعلها " لا صوتها فحسب من عاصمة إلى أخرى،  تنبيك أنها شعوب لم تمت ، ولن تموت ، شعوب قادرة على الفعل والزمجرة الحقيقية ، والعناد ومقارعة الأوثان ، حتى إذا ما سقط اللات مساء جمعة ، تبعه هبل في جمعة تالية ، فأصبح إيقاع الجمعة عندنا لحناً خالداً ، و صار نسيم خطبة الجمعة يعبق من ميدان التحرير أو ميدان التغيير ، أو ساحات بنغازي ليجد صداه في آذاننا إمتاعاً وأنساً ، نردد كلمات الخطيب ونفهم معنى الجمعة ونتدبر الكلمات في جلسات المساء .
ما أجمل يوم الجمعة ، ما أحب اخضراره إلى قلوبنا ، ربيع دافئ لقلوب متعطشه .

   ليست رغبة في الفوضى والعبث كما يدعون ، لكنها الرغبة الحقيقية في إعادة تشكيل ذواتنا ووجودنا بعدما أيأسونا من كل ما لدينا حتى من أرواحنا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق